مايكل مكويري : علم الاجتماع يواجه مشكلة ترامب
مايكل مكويري ترجمة: عبد الرحمن سراج يعاني علم الاجتماع من مشكلة “ترامب”،
ويعاني من مسألة “خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي”،
ومن مشكلة “الشعبوية”، ومن مشكلة “البيض”، ومشكلة “الطبقية”،
ومشكلة “الرجل”
. ماذا يعني كل هذا؟
الحيرة متوقعة؛
لأن علم الاجتماع، ومع الأسف، يعاني من هذه المشاكل في عدة أشكال. على سبيل المثال، يعاني علم الاجتماع معاناة حقيقية من مشكلتي “ترامب” و”خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي” وذلك لتأثيرهما المباشر عليه،
+حيث يعتمد علم الاجتماع على تمويل علمي وبحثي عالٍ، وكلا التمويلين يواجهان تهديداً بسبب انتخاب ترامب وانفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي. ويعاني علم الاجتماع من مشكلة “الشعبوية” من حيث أن الشعبوية تؤكد على سلطة الشعب مقابل سلطة النخبة، بما في ذلك النخبة من “الخبراء”، حيث أن السماح لهؤلاء بالتحدث والتحليل لامتلاكهم شهاداتٍ ضحلة ينقل علماء الاجتماع من مراقبين للمجتمع إلى مكانة مثيرة في الصراع السياسي، حتى أن من الممكن لهم أن يصبحوا خصوماً سياسيين لكثير من الشخوص التي قد نرغب في دراستها. ويعاني علم الاجتماع أيضاً من مشكلة “الذكر، الأبيض، المتميز” لأن كثيراً من الخبراء النخب هم ذكور بيض مميزون، وأثر ذلك أن مواقفهم وآراءهم المميزة أصبحت أمراً معتاداً عليه في الوقت الذي قلَّ فيه الفضول تجاه الآخرين. كان هذا فقط لتسليط الضوء على قليل من اتجاهات هذه المسائل. ورغم أهمية أخذ هذه المسائل بالاعتبار، إلا أنها ليست ما أرغب بالحديث عنه. كان من المفترض أن يكون علماء الاجتماع في مقدمة المتحدثين عن ترامب وانفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي، ولكننا لسنا كذلك. إن الطبقة العاملة (البيضاء ضمنياً) تعد موضوعاً سياسياً غير مألوف، فقد كانت محط انتباه اجتماعي علمي لعقود من الزمن بسبب أهميتها السياسية، وأيضًا بسبب إطار النظرية الاجتماعية والماركسية التي أظهرت الطبقة العاملة البيضاء على أنها إما “عميلة التاريخ”، أو أنها الهدف المرجو في التدخلات الاجتماعية وعمليات إعادة التوزيع الاقتصادي. ولكن كما في السياسات عامة، كانت هناك ثورة هوية سياسية في علم الاجتماع بدأت منذ الستينيات وتركزت خاصة في التسعينيات. لقد انتقد العلماء بصورة مقنعة الامتياز العنصري المعياري في علم الاجتماع، وكان عملهم واسع النطاق، كاشفاً، ودامغاً. وقد أدت زيادة الاهتمام في السياسات ما بعد المادية في علم الاجتماع إلى تناقص الاهتمام بالقضايا الاقتصادية، فبينما نحن ملتفتون إلى العولمة، والمدن العالمية، والنخب الجديدة، والسياسيين الشباب، لا يلتفت إلى هؤلاء الذين يعانون من تدهور اقتصادي وتهميش، وكبار السن، وجغرافيي الاقتصاد القديم سوى الديمغرافيون وعلماء الصحة العامة. ووفقًا لوجهة نظر معينة، فقد ضخَّم انتخاب ترامب أهمية هذه النقلة في علم الاجتماع؛ حيث أن ميول ترامب الواضحة للعنصرية ومش
اعر البغض الواضحة للنساء لم تمنع ملايين الأمريكيين من التصويت له، وخاصة البيض المؤمنين بسيادة العرق الأبيض والنازيون الجدد. لكن الاهتمام بالعرق والجنس له نقائصه أيضاً، فغالباً ما يعمل ذلك في إطار ثقافي يقيِّم العملية السياسية وفقاً لمفاهيم التسامح متعدد الثقافات أكثر من الإدماج الاقتصادي. وقد تزامن هذا الأمر مع نقلة اقتصادية وثقافية جذرية ميزت وأبرزت المناطق المتنوعة، العالمية (الكوزموبوليتية) والثرية حيث يقطن مجموعة من الناس ممن يتمتعون بعقليات متشابهة، والتي صادف أيضاً أنها الأراضي التي يقطنها الكثير من علماء الاجتماع.
الجروح الخفية من الدرجة الأولى”