محمد ابو الحديد يكتب : فضيحة جامعية

0

آخر الأسبوع فضيحة جامعية

بقلم محمد ابو الحديد

لا حديث في أمريكا إلا عن أكبر فضيحة علمية وأخلاقية تم اكتشافها هناك وهزت المجتمع الأمريكي كله..

وضربت صميم ثقته في نظام تعليمه الجامعي.الفضيحة طالت عددا من أشهر جامعات أمريكا ذات السمعة العالمية الرنانة وتورط فيها خمسون من نجوم المجتمع وأثريائه هم من تم حصرهم حتي الآن، بينهم كبار رجال أعمال ومشاهير هوليوود ومسئولون رفيعو المستوي في التعليم الجامعي.فقد اكتشفوا ان هناك »شبكة فساد« تتيح أبوابا خلفية للعائلات الثرية في أمريكا لتسهيل الحاق أبنائها بكليات وجامعات القمة التي يريدونها، خارج النظام العام المتبع للقبول ودون أن تؤهلهم لذلك درجاتهم العلمية في التعليم قبل الجامعي أو قدراتهم الشخصية في اختبارات القبول التي تجريها هذه الكليات والجامعات لنظرائهم.أما كيف.. فعن طريقين متلازمين.. دفع مبلغ كبير للجامعة تحت اسم »تبرع« رسمي. ومبلغ أصغر خاضع للمساومة كرشوة شخصية.أما التبرع فيتيح للجامعة ان تضع الطالب علي قائمة المرشحين للالتحاق بها.. وأما الرشوة فتسهل له اجتياز كل اختبارات القبول وتضمن له مقعده بالكلية أو الجامعة متخطيا كل من تؤهلهم درجاتهم أو قدراتهم لهذا المقعد.زعيم شبكة الفساد مدرب كرة سلة في احدي الجامعات اسمه وليام سنجر سبق لهذه الجامعة ان أقالته من منصبه عام 1988 بسبب تعديه علي الحكام في احدي مباريات فريقه ثم اختفي بعدها فترة ليعود بعد ذلك ويؤسس هذه الشبكة.ويوم الثلاثاء قبل الماضي 12 مارس بدأت محكمة فيدرالية أمريكية نظر الفضيحة بناء علي دعوي أقامتها وزارة العدل واستمع سنجر إلي لائحة الاتهامات الموجهة إليه واعترف بها بل وكشف أنه يمارس هذا العمل طوال السنوات السبع الماضية.. أي من 2011 حتي تم الكشف عن الشبكة نهاية 2018.أوراق القضية حافلة بالمفاجآت والمعلومات المثيرة.مثلا.. قائمة الجامعات المتورطة ضمت جامعات يال وستانفورد وجورجتاون وتكساس وكاليفورنيا وجنوب كاليفورنيا ولوس انجلوس ومعظمها أو علي الأقل الأربع الأولي منها من جامعات الصف الأول في أمريكا.مثلا مجموع ما دفعه أولياء الأمور كتبرعات للجامعات ورشاوي للشبكة وتم حصره حتي بدء نظر القضية بلغ

25 مليون دولار.مثلا.. من بين المتورطين في الرشاوي ممثلة هوليوود »لوري لوجلين« ومديرة تسويق تنفيذية باحدي كبريات الشركات في لوس انجلوس اسمها جين باكنجهام.وقد اعترف سنجر في التحقيقات انه كان يستطيع فعل أي شيء من أجل تحقيق رغبات أسر الطلبة وان الأموال كانت تفتح أمامه كل الأبواب المغلقة وكان عملاؤه يثقون تماما في ذلك لكنه بدا أمام المحكمة في صورة الطفل البريء أو الحمل الوديع وقال: كل ما كنت أفعله هو مساعدة العائلات الثرية علي الحاق أبنائهم بالتعليم فقط.لكن التسجيلات الصوتية للمكالمات الهاتفية بينه وبين عملائه والتي ضمت 32 عميلا كشفت المستور.قال لنجمة هوليوود التي دفعت نصف مليون دولار مقابل الحاق ابنتيها بجامعة أريزونا:- اطمئني.. استطيع ان أفعل لهما كل ما تطلبين.. ولا يوجد أحد علي ظهر الأرض يمكنه ذلك غيري!أما مديرة التسويق جين باكنجهام التي طلبت منه الحاق ابنها بجامعة جنوب كاليفورنيا فقد عبرت عن ثقتها المطلقة في قدرته علي ذلك بقولها في المكالمة الهاتفية المسجلة!- أريدك ان تلحق ابني بجامعة جنوب كاليفورنيا.. وبعد ذلك سأحتاجك للقضاء علي مرض السرطان في العالم وإحلال السلام في الشرق الأوسط!!الاعترافات الأكثر اثارة هي التي كشف فيها سنجر وشركاؤه في الشبكة عن كيفية تمرير قبول طلبة غير مؤهلين في كليات وجامعات القمة.فقد تضمنت الاعترافات الآتي:> استغلال قاعدة معمول بها في الجامعات وهي استثناء الأبطال الرياضيين من شروط الالتحاق في تحويل بعض أبناء هذه الأسر إلي أبطال في رياضات هم لم يلعبوها في حياتهم قط وتوثيق ذلك بالصور عن طريق استخدام تقنية »الفوتو شوب« في استبدال صور أبطال هذه الرياضات الحقيقيين بصور هؤلاء الطلبة وتقديمها ضمن أوراق القبول وكان يستعين في ذلك بزملائه السابقين من مدربي الألعاب المختلفة الذين ضمهم للشبكة.وقد أقر أحد أولياء الأمور واسمه وليم ماكلاشان بأنه دفع لسنجر 250 ألف دولار حتي يحصل ابنه علي شهادة بأنه لاعب كرة قدم رغم انه خريج مدرسة ثانوية لم يكن بها أصلا ملعب أو فريق كرة قدم ولم يمارس اللعبة في حياته وتحقق له ذلك والتحق ابنه بجامعة كاليفورنيا.> استغلال التسهيلات التي تمنح للطلبة المرضي في الامتحانات واستخراج شهادات مرضية موثقة لزبائنه تتيح لهم الاستفادة بهذه التسهيلات في امتحانات القبول التي تجريها الكليات والجامعات.> بل وصل الأمر إلي امداد الطلبة بالاجابات الصحيحة لأسئلة الامتحانات.. بل وأحيانا تكليف دوبليرات بأداء الامتحان بدلا منهم وكله بثمنه بعد رشوة الممتحنين.أي ان القبول في أرقي الجامعات الأمريكية كان يتم علي مدي سبع سنوات كاملة »بالمدفوع« وليس »بالمجموع« وبالتسهيلات وليس بالقدرات.القضية التي مازالت في أسبوعها الأول وتتابعها الصحف والشبكات الأمريكية يوما بيوم فتحت العديد من الملفات وأثارت وتثير العديد من المشكلات.مثلا.. أعادت القضية للأذهان واقعة مهمة حدثت قبل نحو عشرين عاما حين تبرع الملياردير الأمريكي تشارلز كوشنر بمبلغ 2.5 مليون دولار لجامعة هارفارد وبعدها بشهور اصبح ابنه طالبا بالجامعة ذاتها رغم انه لم يكن مؤهلا للالتحاق بها.ابنه هذا هو جاريد كوشنر زوج ابنة الرئيس الأمريكي ترامب ومبعوثه الخاص للشرق الأوسط ومهندس تصميم ما يسمي »صفقة القرن« لإنهاء الصراع العربي الاسرائيلي.مثلا.. فتحت القضية ملف الزواج بين الثروة والرشوة واستخدام الثروة بأشكال مختلفة للحصول علي مميزات في مختلف المجالات دون وجه حق وبصورة متزايدة أكبر مما كان يتوقعه أحد.مثلا.. كيف ستتصرف أمريكا في القضية وإذا كان متاحا استبعاد أي حالات فساد من هذا النوع الآن فماذا عن عشرات وربما مئات الطلبة الذين دخلوا الجامعات بالرشوة وحرموا المستحقين منها.. وكم »جاريد كوشنر« الآن بين أفراد النخبة الأمريكية.هذه مجرد أمثلة.. والفضيحة لم تبح لك تفاصيلها بعد.والخلاصة.. الحمد لله.. ان التعليم الجامعي في مصر مازال بخير.

Leave A Reply

Your email address will not be published.

Verified by MonsterInsights