حسام إبراهيم يكتب :كذبة ابريل !!
ولاريب ان قضايا الصدق والكذب حاضرة في الفن وتعبيرات وقوالب الابداع الفني و يتفق العديد من النقاد على ان الفنان الإنجليزي الأصل شارلي شابلن الذي ولد عام 1889 وقضى عام 1977 فيما وصف بأنه “اعظم ممثل ايمائي في العالم” يعد “ايقونة للصدق الفاضح لأكاذيب عالم يطفح بالقسوة والخداع” .
واذا كان الشاعر والكاتب المصري كامل الشناوي الذي قضى عام 1965كان نموذجا للمبدع وفنان الكلمة وصاحب الروح الطليقة فسيبقى الشاعر الذي حول كذب الحبيبة لكلمات خالدة يستدعيها كل من تعرض للخيانة والكذب..والحقيقة ان هذا الشاعر الذي ولد عام 1908 بقرية نوسا البحر في محافظة الدقهلية وذاعت كلماته الشاعرة :”لاتكذبي اني رأيتكما معا..ودعي البكاء فقد كرهت الأدمعا “كانت اختياراته غريبة ولافتة في العشق والهوى وقيل ان بطلة قصيدته الشهيرة “لاتكذبي” اول حبيبة كاذبة.
وفي مقابل الحديث الذكوري عن كذب الحبيبة فهناك كتابات تدافع عن حواء وتتهم الرجل بأنه هو الذي يكذب على الحبيبة مثل ذلك الكتاب الذي صدر في الغرب بعنوان :”الرجال والحب وحقيقة الكذب فى الحياة الزوجية” والطريف انه بقلم رجل..وفي هذا الكتاب يتناول الأمريكي اريك اندرسونوهو استاذ فى علم الاجتماع بجامعة ونشسترثقافة الحياة الزوجية بالغرب ويسعى للاجابة عن اسئلة من قبيل: لماذا يكذب الرجال على الزوجات؟!والطريف ان الناقدة الثقافية كاترين هاكيم ذهبت فى سياق تعليقها وتناولها لهذا الكتاب الى ان العنوان الانسب له هو “الدليل الكامل للخيانة الزوجية” فيما يتوغل المؤلف فى جذور واسباب استشراء كذب الرجال على زوجاتهم .
ولئن فرضت قضايا الصدق والكذب في السياسة والعلاقات الدولية نفسها على ابداعات دانيلو كيس كما فعل فى المجموعة القصصية: “العود والندوب”. فان مثقفين بارزين في الغرب مثل المفكر الأمريكي وعالم اللغويات نعوم تشومسكي يؤكدون على ان “الديمقراطية في الغرب حافلة بكثير من الأكاذيب ” وان وسائل الاعلام في بلد كالولايات المتحدة تقوم بأدوار دعائية لخدمة مصالح بعينها خلف ستار براق وكاذب من ادعاءات المهنية والموضوعية.
ومن هنا تحدث تشومسكي عن “القبضة الحريرية للرأسمالية الأمريكية مقابل القبضة الحديدية للنظام الشمولي في الاتحاد السوفييتي السابق” فيما قد يكون أسلوب “القبضة الحريرية” اكثر خطورة على قضايا الحرية الإنسانية لأنه يعتمد على تكتيكات ناعمة لتخدير وتزييف الوعي ويتستر خلف ستار خادع من المهنية والموضوعية وهو يصنع الأكاذيب أحيانا ويقدمها في صورة حقائق.
وفيما خضع شارلي شابلن في عام 1948 لاستجواب من جانب مكتب التحقيقات الفيدرالية الأمريكية للاشتباه في اعتناقه أفكار شيوعية وتعاطفه مع الاتحاد السوفييتي حينئذ وتعرض لكثير من الحملات الظالمة في الصحافة ووسائل الاعلام الأمريكية التي وصفها بأنها “تروج الأكاذيب وتنسجها حوله” فان “جهاز كشف الكذب” لم ينجح في كشف شخصية محيرة مثل الدريتش هازين ايمز الذى كان عمله فى المخابرات الأمريكية هو مكافحة التجسس فاذا به يتجسس لصالح السوفييت ويدان فى هذا الاتهام عام 1994 أى بعد انهيار الاتحاد السوفييتى ودخوله فى ذمة التاريخ!..غير ان الأمر الأكثر غرابة بمسلسل الغرائب فى هذه القضية أن الدريتش ايمز كان يجتاز اختبارات كشف الكذب الدورية بنجاح وبعد نجاحه في كل اختبار كان يحق أضرارا فادحة حقا بالأمن القومى الأمريكى!.
وفي العلاقة بين السياسة والصحافة ووسائل الاعلام فان “لغة المصالح والأجندات في عالم السياسة والعلاقات الدولية كثيرا ماتجور على دقة وموضوعية التناول الصحفي والتغطية الإعلامية للأحداث حول العالم”..وتلك الإشكالية انتبه لها فنانون كبار في العالم مثل شارلي شابلن الذي يعد من اهم الممثلين الذين كشفوا عبر اعمال فنية في القرن العشرين بعض أكاذيب الصحافة الغربية بسبب المصالح والتحيزات السياسية.
وهذه الإشكالية مازالت مستمرة في القرن الواحد والعشرين واذا كان من المفترض ان يكون الاعلام صوتا يدافع عن الحق والحقيقة فبعض الصحف ووسائل الاعلام الغربية التي تصف نفسها بأنها تتحلى بمباديء “الثقة والحيادية والنزاهة بثت تقارير مغلوطة حول المشهد المصري بصورة صارخة تتنافى مع “المهنية التي تتشدق بها” فيما تبين لكل ذي عينين انها سقطت في مستنقع الكذب الممنهج حسبما يلاحظ العديد من المعلقين.
وقد تكتسب الإشكالية المزيد من التركيب والتعقيد مع انتشار مواقع التواصل الاجتماعي على شبكة الانترنت وبعضها لايتورع عن “نشر الأخبار الملفقة وترويج الأكاذيب وتسويق الشائعات”..وفي مقابل ركام الأكاذيب يبقى الشهيد دوما امثولة الصدق وحاضن الحق والحقيقة.
