الصين تبحث عن «ماو تسي تونج» جديد .. أسباب العودة إلى «الحكم مدى الحياة» ؟!

0
صوّت البرلمان الصيني،  بالأغلبية على الغاء مادة في الدستور تحدد مدة بقاء الرئيس في منصبه، مما سيسمح للزعيم الصيني «شي جين بينغ» بالبقاء في منصبه رئيسا مدى الحياة.. وأقر البرلمان الصيني الذى يناهز عدد أعضائه 3 آلاف نائب الإجراء ضمن مجموعة تعديلات لدستور البلاد، بموافقة 2958 صوتا، ومعارضة نائبين وامتناع ثلاثة نواب فقط..ومنح البرلمان الصيني الرئيس «شي جينبينغ» سلطة شبه مطلقة من أجل تطبيق رؤيته لتحويل البلاد الى قوة عظمى اقتصاديا وعسكريا. قرار البرلمان الصيني أنهي حقبة القيادة «الجماعية» والخلافة المنظمة التي أرساها  الرئيس السابق «دينغ شياوبينغ» لضمان الاستقرار وتجنب أي عودة لعهد مؤسس الشيوعية في الصين «ماو تسي تونغ»أي الحكم المطلق مدى الحياة.. ورؤية البرلمان الصيني للتعديل الدستوري، تستند إلى «دعم توجه الرئيس» وبرنامجه الإصلاحي لتحتل الصين مركزا عالميا في الصدارة، في ظل المتغيرات التي يشهدها العالم قي صياغة «عالم جديد» و «علاقات دولية جديدة» تعيد صياغة مناطق النفوذ والمصالح استنادا إلى القوة الاقتصادية والعسكرية والاستقرار الداخلي، خاصة وأن الصين تواجه منافسة دولية حادة وتتربص بمركزها السياسي وقوتها الاقتصادية وبرامج التنمية، قوى دولية، وهي رؤية الرئيس  في بناء «الصين الجديدة في عالم جديد» .. ويرى جو تشيوتشن، النائب عن مقاطعة هيلونغجيانغ في شمال شرق البلاد  «أنها الارادة الملحة لعامة الشعب»، مكررا مقولة الحزب الشيوعي الذي يعتبر أن تعديل الدستور يحظى بتأييد جامع لدى العامة. وعلى مسار نفس التبرير، قال دو يانلي، النائب عن مقاطعة شاندونغ في شرق البلاد إن «الرئيس شي جينبينغ ادار العديد من المشاريع الهامة كالاصلاح الاقتصادي ومكافحة الفساد، وهناك اجماع على تأييد منحه المزيد من الوقت لاتمام عمله». وأحكم شي (64 عاما) قبضته على السلطة منذ أن أصبح أمينا عاما للحزب الشيوعي في 2012، وهو أعلى منصب يتسلمه، بينما تعتبر الرئاسة في الصين منصبا فخريا الى حد بعيد، لكن «شي» وبعد تعديل البرلمان للدستور بات الآن بوسعه البقاء الى ما لا نهاية من أجل تطبيق رؤيته للصين المتجددة كقوة عالمية ذات جيش « هو الأقوى عالميا» بحلول منتصف القرن الحالي. وفيما انصب الاهتمام على الغاء الحد الاقصى للولايات الرئاسية، إلا أن التعديلات، تشير إلى الأسباب، وفي مجملها الحفاظ على مخططات ورؤية الرئيس شي لبناء الصين المتجددة، ولذلك شملت التعديلات بنودا اساسية تدرج «فكر شي جينبينغ» في الدستور، وفي سابقة لم تحدث منذ عهد الأب الروحي للصين، الزعيم الصيني ماو تسي تونغ.. وشملت التعديلات أيضا  توسيع صلاحيات الحزب الشيوعي  الحاكم في إدارة شؤون البلادن وهي خطوة تدعم موقف وخكم الرئيس«شي جين بينغ»، أمين عام الحزب، المنصب العلى في الصين. «شي» يتمتع بشعبية لدى الشعب الصيني لا سيما بسبب حملة القمع التي شنها ضد الفساد وطاولت أكثر من مليون شخصية رسمية في الحزب، وتهميش منافسين محتملين له.. وقال المحلل السياسي وو تشاينغ  «أعتقد انه كان يخوض انقلابا ناعما خلال السنوات الخمس الماضية بجعله المكتب السياسي مجرد هيئة صورية»، في اشارة الى المكتب السياسي الواسع النفوذ في البلاد والذي يضم 25 عضوا. ورغم أن الخطوة المفاجئة  من البرلمان الصيني، استدعت ردود فعل غاضبة على شبكة الانترنت، ما دفع اجهزة الرقابة الى منع عبارات وكلمات مثل «انا أخالف الرأي»، و«امبراطور» .. ورغم أن البعض يخشى من أن يؤدي الغاء الحد الأقصى للولايات الى تشديد اضافي للرقابة الصارمة على وسائل الاعلام والمجتمع المدني والديانة، مع محاولة «شي» فرض رؤيته الايديولوجية للشيوعية في مختلف أوجه المجتمع ونواحيه. إلا أن الرؤية الغالبة في الصين، تؤكد على أن «شي جين بينغ»، أظهر في السنوات الخمس الأولى في السلطة التخطيط الواضح والصلابة في تحقيق الأهداف السياسية المحلية. ويمكن افتراض أن الأمر نفسه سيحدث في مجال السياسة الخارجية. وفي المستقبل القريب، سوف تُستكمل العقيدة العالمية باستراتيجيات إقليمية ذات موضوعات محددة. في التخطيط على المدى الطويل، يكمن أحد أسباب نجاح السنوات الخمس الأولى من الحلم الصيني. ويمكن توقع نتائج مماثلة من العقيدة الجديدة وعلى الحدود الخارجية للصين. وأن من مشاريع شي جين بينغ، التي وافق عليه المؤتمر التاسع عشر للحزب الشيوعي، استراتيجية «خلق مجتمع عالمي مشترك المصير». ويمكن للمرء أن يعتبر ذلك عقيدة سياسية خارجية مستقلة نحو أفق عالمي جديد للدبلوماسية الصينية. فإذا كانت مبادرة «حزام واحد وطريق واحد» ـ طريق الحرير ـ  بمنطلقها تغطي قارتين فقط ، آسيا وأوروبا، فمطلوب من العقيدة الجديدة أن تصبح حاملا للنشاط الجيوسياسي والجغرافي والاقتصادي الكامل لجمهورية الصين الشعبية. ويمكن أيضا أن ينظر إليها على أنها تحدد تخوم السياسة الخارجية لـ «نهضة الأمة الصينية العظيمة»، إنها عولمة بلا حدود.. ولذلك كان التعديل الدستوري ضروريا لمنح تشي الفرصة لتحقيق احلام وطموحات الصين.        
Leave A Reply

Your email address will not be published.

Verified by MonsterInsights