الكاتب الجزائري نور الدين ثنيو يكتب الإرهاب في راهن مُعَولم
الولايات المتحدة الأمريكية هي الدولة الإرهابية رقم واحد على الصعيد الدولي، وأن الإرهاب المنتشر في العالم اليوم، خاصة في الشرق الأوسط، هو بصورة من الصور صنيع سياستها الخارجية،
العالم، والبحث عن تبريراته ومسوّغاته في النصوص الدينية، لإضفاء المصداقية والقناعة على أخروية (من اليوم الآخر) الفعل الإرهابي. وهكذا، فإن الإرهاب، كما يجري التعامل معه في الوقت الراهن، ليس ظاهرة مستقلة ومكتفية بذاتها، بل تتغذى من الظلم الفادح والفاضح للسياسة الأمريكية – الغربية في العالم. والأصولية الدينية ليست بعيدة عن هذا الواقع، وقراءاتها واجتهاداتها محكومة بمخزون العداء التاريخي للغرب وما يصنعه في العالم العربي والإسلامي. ومن هنا ، فالحدث المدلهم ينطوي على دلالة رمزية قوية جدّا، لأنه جاء مع مطلع الألفية الثالثة، وأوحى بصورة فرسان الآخرة، عبّر في نهاية المطاف عن كلفة باهظة دفعتها الدولة الأمريكية ومعها بقية العالم بسبب تغاضيها عن إسعاف مناطق عديدة من العالم، خاصة الشرق الأوسط، كانت تحتاج إلى سياسات رشيدة وحكيمة، بعد أن خلا لها الجو بالانفراد بالقوة الفائقة وصارت تبحث عن المطلق لتتصف بالألوهية. فالبحث عن المطلق والتوهم بالوصول إليه هو إعلان عن وشوك وقوع الكارثة، وعادة ما تحدث على حين غرة مثلها مثل الكوارث الطبيعية. ومع محاولة امتلاك الإنسان القدرة على تدمير العالم والتحكم في أسباب هذه القوة على نطاق واسع، فإن العالم ذاته يبدأ في الاقتراب أكثر من جرف الجحيم الدنيوي، ما يتطلب السعي الحثيث إلى إبعاد كافة أشكال الظلم والإجحاف والضغينة التي تحرّض على البغض والحرب والفتنة.
كان المفكر الراحل جون بودريارد هو أول من سارع إلى اعتبار ما حدث يوم 11 سبتمبر 2001، هو الحدث المطلق الذي فاق تصور من يديرون السياسة العالمية، خاصة السياسة الأمريكية، واعتبر أن الإرهاب صناعة أمريكية من حيث لا تدري أو ترفض أن ترى ذلك، لأنها تعتقد أن صورتها في العالم أكبر من أن تنال من مصداقيتها وهيبتها، وأن الإرهاب في هذا الزمن الفائق، كما يرى دائما بودريارد، يسكن روح أمريكا ولا يفارقها إطلاقا إلا بالتخلص من سياسة الظلم والإجحاف التي صارت غير مقبولة وتتنافى مع القوة الفائقة للولايات المتحدة الأمريكية. فما وقع يوم 11 سبتمبر هو محاولة أولى لانتحار ذاتي، وبداية تحرك لولب الدمار والخراب على ما نشهد من أثار وخيمة على العالم كلّه.
كاتب جزائري 