فصل من كتاب مستقبل المملكة العربية السعودية في عيون شبابها تأليف: كاريل مورفي ترجمة: أحمد هريدي
خلت الشوارع الرئيسية في قلب مدينة الرياض(في 11مارس 2011م) إلا من وحدات كثيفة لشرطة المرور، بالإضافة إلى انتشار قوات مكافحة الشغب وتحليق طائرة مروحية في السماء، فقد كان من المفترض تسمية ذلك اليوم “يوم الغضب
تشير واقعة أبها في عام2012م إلى أن الدافع الأساسي لتظاهرة شباب جامعة الملك خالد هو عدم رضاهم عن الظروف المادية أكثر من عدم رضاهم عن افتقاد الحقوق السياسية والحريات المدنية، كما أن تظاهرات أبها التي لم تكن لها مطالبات سياسية وكان لها صدى خافت في جامعات سعودية أخرى في أسابيع تالية، لم تشعل شرارة حركة شابة على نطاق واسع في أرجاء المملكة؛ كما أنه في غير المنطقة الشرقية بالمملكة(تتركز فيها نسبة عالية من الشيعة الذين يشعرون بالغبن والإقصاء)لم يلجأ الشباب السعودي إلى الشوارع مثل نظرائهم في أماكن أخرى بالعالم العربي. كل هذا يطرح تساؤلات حول وجهات النظر السياسية للشباب السعودي: لماذا لم يستجب الشباب السعودي بالطريقة ذاتها التي استجاب بها الشباب في الدول العربية الأخرى؟ وهل ظهر على الشباب السعودي أي تأثر باحتجاجات الشباب العربي، وإذا كان الأمر كذلك فكيف؟ وماذا عن طموحات الشباب السعودي السياسية؟. للإجابة على هذه الأسئلة يتطلب الأمر اتخاذ خطوة إلى الخلف للنظر في ملاحظاتي عن الشباب السعودي(أثناء مقابلاتي ومحادثاتي العديدة معهم خلال فترة وجودي بالرياض) ثم طرح السؤال والجواب في محاولة لتحديد ملامح المستقبل السياسي للمملكة العربية السعودية. اهتمام قليل بالسياسة عدد كبير من الشباب السعودي لا يبدي اهتماماً يذكر بالسياسة ولا يشعر بأي قلق فيما يتصل باكتساب حقوق سياسية، فضلاً عن أنهم لا يفكرون كثيراً في كونهم مواطنين في دولة ذات نظام ملكي حتى أن شاباً التقيته بالمملكة قال لي أن الكثيرين من السعوديين لا يزالون يقولون “الوالد عبد الله” بدلاً من “الملك عبدالله”؛ ومثل هذا الشاب كثيرون مقتنعون الآن بالكيفية التي تدار بها أمور بلادهم طالما أن الدولة مستمرة في توفير الاحتياجات المالية لهم وفي التأكيد على الهوية الإسلامية لها؛ وهناك شباب يعرب عن أمل غير واضح في حدوث تغيير قد يجري في زمن قادم غير معلوم.
قال طالب(19عاماً)من الرياض يدرس اللغة الإنجليزية في ولاية فلوريدا الأمريكية: “لا أهتم كثيراً بالتفكير في إصلاح سياسي ولا أرى ضرورة لذلك لأنني أعلم أن الحكومة ستختار الشيء الأفضل للشعب ولهم. وهناك من الشباب السعودي من يرى أنه لا حاجة للتغيير مثلما يقول طالب(22عاماً) يدرس الهندسة بجامعة الملك سعود: “أحب الطريقة التي تدار بها المملكة حالياً فكل فرد يشعر بالرضا وكل شيء جيد حتى الآن، ربما هناك مشاكل صغيرة مثل الفقر وحظر قيادة السيارة على النساء لكنها مشكلات يمكن حلها”. لم يكن لدى هذا الشاب رغبة في مزيد من الحديث عن حكومته فهو لا يعتقد أن برلماناً منتخباً يمكن أن يفيد المملكة في شيء “لدينا عائلة ملكية تحقق مطالب شعبها وتمنحهم المال وتزودهم بالأشياء التي يريدونها”. ومثل طالب الهندسة في جامعة الملك سعود هناك شباب سعودي(إما غير راغبين في برلمان منتخب أو يشعرون بشيء من التردد إزاءه) يعتقدون أن برلماناً منتخباً يمكن أن يقود إلى قيادة غير رشيدة وإلى اضطرابات في الحياة اليومية وربما أسوأ من ذلك وهم لا يريدون ذلك بالطبع. أيضاً أعرب طالب(26عاماً)حصل على شهادة الماجستير في نظم المعلومات من الخارج عن ارتياحه للطريقة التي تدير بها العائلة الملكية الحكم لكنه ينظر بغير رضا للانتخابات التي ستؤدي في رأيه بالضرورة إلى انتخابات عشائرية “ربما أنتخب شخصاً لأنه طبيب من قبيلتي الأمر الذي يتسبب في مشاكل عديدة لأن هذا الطبيب ربما لا يكون جديراً بانتخابه لعدم كفاءته ولكن لأن قبيلته كبيرة ومنتشرة في ربوع البلاد فانه سيحقق ال فوز” ومدرس مساعد(25عاماً)يحضر رسالة ماجستير في ولاية فلوريدا الأمريكية قال: “أؤيد اجراء انتخابات على المدى عندما يدرك السعوديون أن يمنحوا أصواتهم لشخص ليس لأنه من قبيلتهم أو من مذهبهم الديني، وأنا أفضل الآن الملك عبد الله وأي أمير يأتي به في حكومته بدلاً من أن يكون لي حق التصويت، لأنني أعلم أن السعوديين في الوقت الراهن لديهم طرائق تفكير غير جيدة”. طالب آخر(25عاماً) يدرس التسويق في كندا لا يتحمس لإجراء انتخابات: “أعلم أن الانتخابات تأتي بمزيد من الديمقراطية والمذاهب السياسية لكن يتولد عنها مشكلات ونحن الآن نتبع مذهباً واحداً هو القرآن”، وأضاف: ” المملكة مكان يوفر للشباب السعودي الأمان لحياتهم الشخصية ولمستقبلهم ولعائلاتهم ويتم في تلبية كل الاحتياجات لهم ولا شيء آخر نحتاجه من السياسة”.