عبد المنعم رمضان ل على عطا : الخصومةُ حول أشكال الشعر غرضُها نفي الآخر
لبيروت حقُ أن تزهو بأنها تقيم على البحر، وترى ما وراءه، وتتجدد وتغير ملابسها يومياً، وللقاهرة حق أن تزهو بأنها تقيم بين النيل والصحراء وتنظر إلى أقدامها، وتصرُّ على حماية ماضيها.
- بدا حضور أدونيس الندوة التي نظمتها دار «العين» احتفالاً بصدور ديوانك «الهائم في البرية» وليد مصادفة، لكنه مع ذلك أثار جدلاً لجهة أنه تحدّث في حضور الناقدين جابر عصفور وشاكر عبدالحميد عن قناعته ببؤس الجانب النقدي المواكب للشعرية العربية… كيف تنظر إلى ذلك الأمر؟ إلى أي مدى يمكن أن تشعر بالرضا أو عدمه، إزاء المواكبة النقدية لمجمل تجربتك الشعرية التي انطلقت قبل نحو أربعة عقود؟
- وجود قصيدة «مرثية مينا» التي نشرتها جريدة «الشروق» في 13 تشرين الأول (أكتوبر) 2011 في ديوانك الجديد، هل يمكن اعتباره مرثية لثورة تحمّستَ لها في حينه ومعك أحمد عبدالمعطي حجازي وحلمي سالم وحسن طلب وشعراء آخرون من أجيال مختلفة؟
– مساء الثلثاء 25 كانون الثاني (يناير) 2011 خرج الشباب في ما كان من الممكن أن يصبح ثورة، وارتبك النظام الحاكم وشرطته وعسكره وبرلمانه، وارتبك الواقفون على الأعراف يساراً ويميناً. إلا أنه منذ صباح الجمعة 28 كانون الثاني (يناير) 2011 رابع أيام الخروج، كانت كل الأجنحة الأقوى في مؤسسة السلطة وخارجها قد رتّبت أوراقها، ورسمت خططاً لاستثمار هذا الخروج في الذهاب بالأوضاع إلى ما آلت إليه في ما بعد. أعترف بعدم خروجي يوم 25 يناير. كنتُ أظن الأمر نزهة ثورية. أعترف أنني خرجت يوم 28 يناير مصادفة لأشاهد التظاهرة المارّة قرب بيتي، فتحمستُ والتحقتُ بها، وفجأة انفتحت شرفةُ أحلامي. الغريب أنني الآن أعتقد أن يوم خروجي صادفَ يوم تدبيرهم خطة اغتيال الأحلام، لكنني ساعتَها لم أفهم، لذلك استمررتُ في الخروج إلى ما بعد سقوط مبارك، ومع الوقت كنت قد بدأت الإحساس بأن ما أشارك فيه ثورة مغدورة، دلّت على ذلك بعض مقالاتي أيامها. بهذا المعنى أعترف بأنني لم أشارك في الأيام الثلاثة الأولى، أيام الثورة، ولكنني شاركت في الأيام التالية، أيام اغتيال الثورة، ولمّا فاجأني مقتل مينا دانيال في الساحة المقابلة لمبنى التلفزيون المصري (ماسبيرو)، اكتشفتُ أنني أذرف دموعي مبكراً على ذلك الحلم الذي سنفقده. وعندما قابلتُ في ميدان التحرير أختَ مينا بعد مقتله، واحتضنتُها، كنت أحتضن الحلمَ الضائع، لذا أظن أن هذه القصيدة بالنسبة لي هي مرثية الأحلام الضائعة، مرثية فقدان الفرصة في أن يعود الوطن شاباً في عمر مينا دانيال، أو عمر أخته.
- قرأتُ حواراً مع الشاعر جمال القصاص نشرته أخيراً جريدة «أخبار الأدب»؛ جاء فيه على لسانه أن جيل السبعينات هو آخر جيل للشعر… هل تتفق أو تختلف مع هذا الحكم؟ وما هو في تصورك الإنجاز الأهم لشعراء جيلك؟ وما هو الذي ما زال يجمعهم حتى الآن في ضوء أن السبل تفرّقت بهم على ما يبدو، وربما أيضاً الرؤى والانحيازات سواء كانت جمالية أو أيديولوجية؟
- في رأيك: إلى متى سيستمر جدل قصيدة النثر في الشعرية العربية، بين مُقرٍ بمنجزها وبين مَن لا يراها شعراً، وأولئك الذين كتبوها بانحياز مشروط إذا جاز هذا التعبير، وأنت واحدٌ منهم وكذلك الراحل حلمي سالم، على سبيل المثال لا الحصر؟
- كنتَ أحد الذين أقروا نشاطاً شعرياً موازياً لنشاط وزارة الثقافة في مصر، عبر ما أُطلِق عليه «الأمسيات البديلة»، التي واكَبت إحدى دورات ملتقى القاهرة الدولي للشعر العربي، وبعدها أقيمت ملتقيات عدة في ذلك الإطار «الاستقلالي»، ثم ما لبث أن انقسم منظموها على أنفسهم… ما هو تقييمك لأنشطة كهذه الآن، علماً أنك قلتَ سابقاً إنك مع الوقوف على مسافة من المؤسسة الرسمية بدلاً من القطيعة معها؟
- منذ سنوات طويلة تحرص على «جلسة الجمعة» في مقهى «زهرة الستان» في وسط القاهرة… هل يمكن القول إنها تحولت مع الوقت إلى مفرخة لأدباء جدد، وساحة نقاش لقضايا أدبية ما يجعلها أقرب إلى الصالون الأدبي، أم أنها لا تزال مجرد جلسة أصدقاء من أجيال مختلفة تتخذ طابعاً اجتماعياً؟
- تصر على التعامل في أضيق نطاق ممكن مع السوشيال ميديا، وترفض أن تكون لك مثلاً صفحة على «فايسبوك»، فما هو السر وراء ذلك، علماً أنه يندر اليوم أن نجد مَن يتخذ موقفك هذا في ظل سطوة العالم الافتراضي حتى في إنتاج الشعر وتداوله، على سبيل المثال؟
- عقب الدورة الأخيرة لملتقى القاهرة الدولي للشعر العربي، علِمنا أنك كنتَ ضمن المرشحين للفوز بجائزتها، وتناثرت أقاويل عن أن اسم الفائز يحدد سلفاً، وأن قائمة المرشحين شكلية، خصوصاً أن منظمي تلك الدورة أعلنوا صراحةً أن الجائزة ستذهب إلى شاعر مصري، ما يعني تضييق أفق التوقع باستبعاد أسماء غير المصريين… كيف ترى ذلك الآن؟
- هل تنوي العودة مجدداً إلى «متاهة الإسكافي» لتواصل سرد سيرتك الذاتية نثراً؟ هل ستكرر تجربة العمل المشترك مع نجاح طاهر علماً أنها أهدتك غلاف ديوانك الأخير؟
