عباس الطرابيلي يكتب : عمارات.. لها تاريخ!
عندنا شوارع لها تاريخ.. ومدن لها تاريخ.. وميادين لها تاريخ.. وعندنا أيضاً عمارات لها تاريخ.. ولكل عصر – مع تعدد عصورنا – تاريخه وعماراته.. حتى فى المدن البعيدة – وليس فقط فى القاهرة والإسكندرية – ولكن أيضاً فى رشيد والمنصورة وطنطا ومدن الصعيد، وإذا كانت عمارات الخديوية وسط القاهرة هى أبرز عصر النهضة المعمارية التى ظهرت مع أيام إسماعيل وأولاده وأحفاده.. فإن القاهرة الحديثة أيضاً لها عمارات لها تاريخ.
مثلاً: بعد إحراق القاهرة عمداً فى ٢٦ يناير ١٩٥٢ ظهر العديد من العمارات أصبحت هى رمز القاهرة المعاصرة.. فى مقدمتها عمارة قوت القلوب الدمرداشية على ناصية شارعى فؤاد «٢٦ يوليو» و«إبراهيم» شارع الجمهورية.. وكانت الست قوت القلوب هذه أغنى سيدات مصر فى النصف الأول من القرن الماضى.. وخلفها تماماً عمارة الطويل على ناصيتى شارع الألفى مع الجمهورية. وهنا لا ننسى عمارة الجندول التى بناها الموسيقار محمد عبدالوهاب فى النصف التجارى من شارع فؤاد هذا.. غير بعيد من عمارة آل طالب على ناصية شارعى عماد الدين وفؤاد.. ثم عمارة شل وسط ميدان التوفيقية سابقاً «عرابى حالياً» خلف عمارة لاجينفواز الواقعة أمام دار القضاء العالى بجوار سينما ريفولى.
ولكن هذه كلها سبقتها عمارات دخلت تاريخ العمارة المصرية.. فى مقدمتها عمارات ممر بهلر الواصل بين شارعى سليمان باشا وقصر النيل والتى أقيمت بعد هدم الفندق الشهير الذى نام فيه سعد زغلول ليلة واحدة بعد القبض عليه وترحيله إلى بورسعيد تمهيداً للنفى إلى «مالطة» وأيضاً عمارة جروبى التى تتوسط الميدان وبجوارها عمارة أو مبنى نادى السيارات الشهير.. ولا ننسى هنا عمارة الإيموبيليا ناصية شارعى شريف وقصر النيل التى بناها الاقتصادى المصرى الكبير أحمد عبود باشا قبيل الحرب العالمية الثانية وسكنها العديد من الفنانين مثل ليلى مراد ونجيب الريحانى وفكرى أباظة، وهى من أربعة أقسام لكل منها مدخله الخاص.. ثم العمارة التى أقامت فيها إيفون ماضى أمام البنك المركزى القديم ناصية شارعى شريف وقصر النيل أيضاً.
** ولكن قبل كل هذه أو تلك نجد عمارة المساجيرى بشارع شريف.. وعمارة يعقوبيان بشارع سليمان باشا وعمارات شارع هدى شعراوى من وزارة الأوقاف إلى شارع سليمان هذا.. أما فخر العمارة المصرية الحديثة فهو بلاشك عمارات الخديو بشارع عماد الدين وأقامها خديو مصر عباس حلمى الثانى.. وتلك العمارة الشهيرة – فى ميدان الإسعاف – التى تتزين بالتماثيل والكرانيش شديدة الروعة.
وليس هذا حصراً لتلك العمارات.. ولكنه تسجيل لعصر كان عظيماً.. على الأقل معمارياً وهندسياً وكنا نفاخر بها روما وفيينا وباريس وغيرها.