الجزائر: تشكيل الحكومة الجديدة خلال أسبوع.. والشارع يتأهب لمليونية
أبدت الحكومة الجزائرية استعدادها للحوار مع المعارضة والشباب لإقامة نظام حكم يستند إلى إرادة الشعب، بعدما رفض الشارع وأحزاب المعارضة مقترحات الإصلاح التي طرحها الرئيس المريض عبدالعزيز بوتفليقة ووصفوها بأنها غير كافية.
وأكد رئيس وزراء الجزائر الجديد نورالدين بدوى أنه سيشكل حكومة خبراء، ستشمل الشبان والشابات الذين يخرجون في مظاهرات حاشدة للضغط من أجل تحولات سياسية سريعة، بالتزامن مع استمرار الرفض الشعبى لتمديد الولاية الرابعة للرئيس الجزائرى عبدالعزيز بوتفليقة. وتواصل الدعوات على وسائل التواصل الاجتماعى للحشد لمليونية جديدة، اليوم، للمطالبة بالتغيير الشامل ورفض بقاء «الحرس القديم» على سدة الحكم.. ونظم معلمو المدارس إضرابا في عدة مدن وانضم إليهم جزائريون الخميس.
وقال «بدوى»، في مؤتمر صحفى الخميس: «إن حكومته الجديدة ستتشكل أوائل الأسبوع المقبل، وستبدأ مشاورات لاختيار رئيس للندوة الوطنية للانتقال السياسى»، وأضاف: «هذه التشكيلة ستمثل كل الطاقات خاصة الشبانية من بنات وأبناء وطننا». يأتى تعهده بعد أن قرر بوتفليقة عدم الترشح لولاية خامسة، وقراره تأجيل الانتخابات التي كانت مقررة في 18 أبريل المقبل، وتم تعيين بدوى رئيسا للوزراء بعد استقالة أحمد أويحيى.
وبدوره، قال نائب الوزير الأول وزير الشؤون الخارجية، رمطان لعمامرة، إن «الحكومة لن تكون منظمة لهذه الندوة الوطنية الشاملة المستقلة التي وعد بها رئيس الجمهورية، وإنما ترغب في أن تكون مسهلة لها»، وأوضح أن المشاورات ستكون حول طريقة تقسيم المشاركة بين أحزاب التحالف الرئاسى والمنظمات الأخرى والمعارضة على اختلافها، بما فيها تلك غير الممثلة في البرلمان، في حين أن الطرف الثالث يخص المجتمع المدنى.
وطمأن «لعمامرة» أن الحكومة المقبلة ستفتح قنوات التواصل وستعمل على الإقناع، لأن الأمر يتعلق «بحكومة ملزمة بتحقيق النتائج»، وأضاف: «يجب التقرب من المواطنين والقوى السياسية وكل الأشخاص الذين لديهم قدرة التأثير على سير الأحداث»، مؤكدا أن الندوة الوطنية التي ستنعقد قبل نهاية 2019 ستحدد تاريخ إجراء الانتخابات الرئاسية.
وقال «لعمامرة» للإذاعة الحكومية: «لا بد من الحوار، أولويتنا هي جمع شمل الجزائريين»، وأضاف: «النظام الجديد سيستند إلى إرادة الشعب»، مشيرا إلى أن المشاركين في مؤتمر لكتابة دستور جديد سيغلب عليهم الشبان والنساء، وأكد نه «لا إشكال في مشاركة المعارضة في الحكومة، لكن لا توجد مفاوضات حاليا». وأضاف «نحن نوجه النداء لكل من يريد المشاركة في الحكومة سواء من المعارضة أو المجتمع».. واستبعد حل البرلمان بغرفتيه، وشدد على أن مؤسسات الدولة ستبقى إلى حين تنظيم الانتخابات المقبلة، واعتبر أن تأجيل الانتخابات الرئاسية كان بسبب قوة قاهرة. وقال: «ما يسمى خرق الدستور جاء من أجل تغليب مصلحة الأمة». من جهته، اعتبر الدبلوماسى الجزائرى السابق، الأخضر الإبراهيمى، أن المطالب التي رفعها الشعب «شرعية ومبررة»، داعيا إلى فتح أبواب الحوار للوصول إلى «توافق واسع» حول من سيترأس الجزائر مستقبلا، ودعا إلى تفادى «المظاهرات وحوار الصم» لتنظيم مؤتمر وطنى يسمح بتحقيق «توافق واسع» لاختيار الرجل الصالح أو المرأة الصالحة، الذي سيكون رئيس الجزائر في المستقبل.
ونفى «الإبراهيمى» أن يكون بوتفليقة اختاره لرئاسة مؤتمر الحوار الوطنى لتجاوز الأزمة الحالية في البلاد، ورد الإبراهيمى على هذه الأخبار بالقول: «هذا كلام فارغ.. من يعيننى؟ ولماذا؟ لحد الآن ليس هناك مؤتمر»، وقال «الإبراهيمى» إن الرئيس الجزائرى الذي استقبله قبل أيام «يتمتع بكل قواه الذهنية» وإن حالته الصحية «مستقرة»، وإن بوتفليقة «لديه مشكلة في صوته الضعيف، حيث لا يمكنه مخاطبة المواطنين، كما أن رجليه معطلتان».
في مؤشر غير مسبوق على خلاف داخل النخبة السياسية، وصفت المناضلة جميلة بوحيرد، إحدى بطلات حرب الاستقلال، خطة بوتفليقة للإصلاح والانتقال السياسى بأنها «انقلاب»، وقالت إن حكومات ما بعد الاستقلال استمرت في الخضوع للوصاية الفرنسية. وكتبت في رسالة لصحيفة «الوطن» الجزائرية «إن أحدث العلامات الكاشفة عن هذه الروابط السيئة بالهيمنة الاستعمارية الجديدة، هي دعم الرئيس الفرنسى للانقلاب الذي خطط له نظيره الجزائرى، إنما هي عدوان على الشعب الجزائرى».
وذكر زعماء الاحتجاجات أن محادثات الحوار الوطنى ليست على جدول الأعمال في الوقت الحالى. وقال الأستاذ الجامعى فضيل بومالا: «إننا نرفض التفاوض على انتقال سياسى مع النظام.. لا مفاوضات.. توازن القوى في صالحنا، فلنقو حركتنا، ينبغى لنا مواصلة الضغط»، وأكد حزب طلائع الحريات الجزائرى المعارض رفضه دعوة رئيس الوزراء للحوار، وقال إنه لا يعترف بشرعيه.
وفى الوقت نفسه، أعلن المجلس الدستورى، عقب اجتماعه، أن الفصل في صحة الترشيحات لانتخاب رئيس الجمهورية «أصبح دون موضوع» بموجب المرسوم الرئاسى الصادر في 11 مارس الجارى الذي يتضمن سحب أحكام المرسوم الرئاسى المتضمن استدعاء الهيئة الانتخابية لانتخاب رئيس الجمهورية، موضحا أن ملفات المترشحين الـ21 لانتخاب رئيس الجمهورية المودعة لدى الأمانة العامة للمجلس الدستورى تُحفظ في أرشيف المجلس.. بينما طعن 15 مرشحًا للانتخابات على قرار المجلس الدستورى.
وندّد المرشحون، في بيان، بمبررات المجلس الدستورى، الذي قرر تحويل ملفاتهم للأرشيف وإبلاغ كل المرشحين بعدم موضوعية تقديم ترشحهم بعد تأجيل الانتخابات الرئاسية، كما نظم المرشحون مسيرة أمام مقر المجلس الدستورى ضد توضيحات غير منطقية قدمها المجلس الدستورى في تبريره لإلغاء الانتخابات الرئاسية.