الشاعر السوري عبد الله بليجان السمعو يكتب :كيف يمكنُ لبئرٍ أن يرىٓ وجههُ في وجه مائه؟

0

كيف يمكنُ لبئرٍ أن يرىٓ وجههُ في وجه مائه؟

سبعةٌ وعشرون بئراً أنا

ساهماتٍ في الرّكود

لا هواء يُحرّكُ سقف مائها فتهتزُّ قصباتُ صدري

ولا ضحكةً تنحلُّ فيها

لأعلو قيد شبرٍ من نغم

كانت الضحكات تتكسّر على سطح مائها وتعلو دون رائحتي

فأمتهنُ السُّكات

سبعةٌ وعشرون بئراً وأنا أبحثُ عن وجهي

أنا الذي ما أتّسعتُ يوماً للماء كما أتّسعتُ للجثث

جثثٌ بأعينٍ مفتوحة

تنظرُ للأعلى وتجرُّني للأسفل

جُثثٌ خلّفتها الحرب ومعتقلات التّعذيب

جُثثٌ للمقتول ومن لم يُقتل بعد

جُثثٌ حمّلتني وزر رائحتها ورائحة من يبكيها

حينها كان المطرُ يمارسُ عقوق اللّه

ولأغطّي أعينهم المفتوحة

كان عليّ أن أطوي جلد الماء طيّاتٍ وطيّات

سبعةٌ وعشرون بئراً أنا

وما بين إرتفاع منسوبي

وشحّ ارتفاعي

كنتُ كطفلٍ يكبرُ فجأةً ثمّ يموتُ قبل الأمّهات

وحينما دغدغ الرّبُّ صدري بك

رأيتُ وجهي فيك

وغادرني كلّ ما قد فات

فسبحان من صبّ وجهي في يديك ف سموت

كيف يمكن لبئرٍ أن يرىٓ عروق مائه؟

سبعةٌ وعشرون بئراً أنا

وأنت وجهُ الأغاني

وإنفلاتُ الموسيقا في مجرى دمائي

مُذ حطّ دلوك في قاع قرنفلي

رأيتُ عروقي كيف تغلّظت بك ف ارتويت

وحدك من تستطعين

إمساك الماء فلا يُفلتُ من بين أصابعك

إشعال الماء إثر احتكاك أظافرك

نثر طحين النجوم في حلق الطريق

لنجتمع كحقيقتين في حقيقةٍ واحدة .

***************


جِئْتُـكِ مُتأخّراً

  0    

 

لأنّي جِئْتُـكِ مُتأخّراً
سأبدو ساذجاً إن حملتُ لك باقة ورد
لذا حملتُ على كَفَّيّٓ قلبي
ولأنّك ستعتبرين هذا مجازاً فأنا أبكي الآن

لأنّي مهندسٌ زراعيٌّ فاشل
أنفقتُ عمري في تعلّم أمراض النّبات
دون أن أُلقي بالاً لسرب صَوتُكِ الذي كان يشقُّ موج قلبي ويزرع الماء في نُقصاني
أنفقتُ عمري دون أن أُدرك أنّي البُستانيُّ الخَرِفْ الذي يرتجفُ
كريحٍ في آخر المساء
كريحٍ ترتجي أن تنام تحت المدّ الذي في اسْمكِ

لأنّي رجلٌ فاشلٌ
أيقنتُ مُتأخّراً أنّ الحياة أطول من أن تُعاش بسعادة
وأقصرُ من أن أصل إليها دُونَكِ

ولأني لم أعد أملكُ ما أُقْنِعكِ به إلّا الكتابة
فأنا أكتبُ لَكِ

ولأنّي كاتبٌ فاشلٌ
فأنا أعرف أنّك لن تقتنعي بي

Leave A Reply

Your email address will not be published.

Verified by MonsterInsights