هايدى فاروق تكتب ل مصر المحروسة . نت : يوميات زوجة سفير فى الكونغو برازفيل (1) ….أصيبت بالملاريا.بعد أعدادى أكلات مصرية لأول عزومة كبيرة للجالية …….أحضرت الخادمة كاسيت و شريط القرآن لإيهامي أن أصوات هرولة الوطواط أعلى السقف  من عمل الجان

"الإينجيرا".. الطبق الإثيوبي الوطني وفى أريتريا والصومال وجيبوتي يطلق عليه "عانجيرا"أو "لاحوح"و في اليمن ُيسمى"لحوح "...و خبز "الإينجيرا الحبشي" اللذيذ مصنوع من دقيق "التف"الغني بالحديد ،ومعه اللحم بالصلصة الحمراء ‘

0

فوجئت بضيف ثقيل فى غرف المنزل وهو سحلية كبيرة الحجم ذات ألوان في غاية الروعة والتنوع والجنايني يريد تربية الوطواط لأكله في المناسبات 

لم أتخيل وأنا أسارع الخُطى بجوار زوجي مُتجهين صوب الطائرة الصغيرة عقب توجيه النداء الأخير للمسافرين الى الخرطوم ، أن  تختلط دموع الوداع بدموع الفرح في آن واحد ،إذ تملكتني مشاعر الجزع من تركي لوطني ، وتذكرت تشبُثي بشقيقي الوحيد وانا أُودعه ،وبكائي معانقة شقيقتي هبه ، أما مشاعل السعادة التي انتابتني فكانت لكوني أرافق زوجي الذي عُيٍن سفيرا لمصر بالكونغو برازافيل ،وكانت تلك هي المُهمه الأولى التي شرُفت بمرافقتي له فيها ، إذ كنت عروس وحديثة العهد  بالسفر كزوجة رئيس بعثة لمصر بالخارج  ، حقيقي أنه تم إعدادنا وتدريبنا في المعهد الدبلوماسي كزوجات لسفراء مصر الجُدُد ،إلا أن الأمر لم يكن هينا على النفس كما تصورته فقد كانت الكونغو برازافيل تأن من ويلات الحرب الاهليه .

استقلينا الطائرة وودعت من النافذه أرض وطني ،وسرحت متعجبة من أمر جال بخاطري  وأنا طفلة صغيرة في الفصل الثالث الإبتدائي بإحدى مدارس دولة الكويت إذ سألتنا مدرسة الفصل أن نكتُب في ورقة صغيرة عن أي مهنة نود أن نعمل بها  حينما نكبُر فكتبت لها  أنني شاهدت فيلما لطرزان بالكونغو وتمنيت  إلتحاقي بالسلك الدبلوماسي حينما أكبر لكن تراودني احلام بانني سأبتعث للكونغو تحديدا وهو ما قد لا أعتاده ، فضحكت المعلمة لغرابة طرحي ، وهأنذا عقب سنوات طويلة أركب الطائرة رفقة زوجي متجهين الى الكونغو الحلم ، ولكن ليس كمبعوثه بل أنا حرم السفير  .

أفقت من شريط الذكريات على هواء ساخن  جلبه فتح أبواب الطائرة التي حلت ترانزيت بمطار “الخرطوم”، وظللنا على متن الطائرة الصغيرة مدة ساعة كاملة ، حيث أقلعت بعدها طائرتنا الى مطار العاصمة الإثيوبية “أديس أبابا”، الذي حللنا به عقب ساعتين من مغادرة الخرطوم وتوجهنا الى فندق “هيلتون” ب”أديس أبابا”للمبيت ساعات حتى نصل الى برازافيل وهنا أشار علي زوجي بتناول خبز “الإينجيرا الحبشي” اللذيذ المصنوع من دقيق “التف”الغني بالحديد ،ومعه اللحم بالصلصة الحمراء ‘و”الإينجيرا”هي الطبق الإثيوبي الوطني  والذي يؤكل أيضا في أريتريا والصومال وجيبوتي وحيث يطلق عليه “عانجيرا”أو “لاحوح”أما في اليمن فيُسمى”لحوح “..ثم شربت مياه “الأمبو”الفوارة التي تشتهر بها الحبشه ،وأصر زوجي الذي عمل لسنوات في السفارة المصرية بأديس أبابا أن أتذوق  البُنه ( القهوة الإثيوبية ) .

  • أرض المطار مكسية بالحشائش الطويلة …وقابلنا مدير المراسم بقوله “ياكا ..ياكا “!!

غادرنا مطار أديس في الصباح الباكر مُتجهين الى الكونغووكانت الطائرة هذه المرة كبيرة وأكثر أريحية عن سابقتها ، وحينما حلقت فوق العاصمة كِنشاسا ( عاصمة الكونغو الديمقراطية التي تتجاور مع دولة المقر الكونغو برازافيل  ) وعلمت أنني في قلب القارة السمراء  بدأت الطائرة في التباطؤ ليتخذ الكابتن طريقه صوب المجال الجوي للعاصمه برازافيل …

رباه ماذا أرى ؟  هل هذا الجمال خُلق على الأرض ؟ كلمات وجدتني أرددها وكلي ذهول من جمال الطبيعة وتوحشها ، حيثبدت لي الغابات الممتدة على مرمى البصر وكأنها تخفي أسرار القارة السمراء تحت أغصانها المتشابكة ، والجبال الشامخات  التي اكتست بالخضرة والجمال حسبتها ترحب بقدومي محتضنة طائرتي  التي تحولت الى طائرة ورقية مقارنة بحجم ما جاورها ، وما هي الا لحظات ووجدتنا نهبط في مدرج مطار (مايا.. مايا )الكونغولي ..

كان أعضاء البعثة والسفارة المصرية بالكونغو البلغ عددهم أربعون  مصريا قد أصروا على الحضور جميعا لاستقبال سفيرهم الجديدوقد أصطفواأسفل الطائرة ومعهم مدير مراسم الخارجية الكونغولية وإذ قمنا بتحيتهم جميعا  دخلنا صوب غرفة كبار الزوار (لم تكن صالة ) ، ووجدت مدير المراسم ينادي على موظف المطار قائلا “ياكا ..ياكا ” التي تعني بلغة الباكونغوالدارجة “تعالى” فبدأت حقائبنا تنزل من بطن الطائرة الى أرض المطار المكسية بالحشائش الطويلة ، وحيث لم يكن هناك سير لحمل حقائب المسافرين كما اعتدنا لأن  المطار كان كبقية البُنى التحتية بالعاصمة برازفيل قد امتدت اليه أيادي التخريب إبان الحرب الأهلية ، وحُملِت حقائبنا بإحدى السيارات التي حضرت لإصطاحبنا الى دار السكن المُقرر للسفير المصري الجديد .

كان دار السكن قد تم استئجاره عقب أن دُمر دار السكن المملوك لمصر في الحرب الأهلية (لمصر دار سكن عظيم على نهر الكونغو أصبح أطلالا عقب الحرب الأهلية ) ،

ودار السكن المُستأجَر عباره عن دور واحد بسيط في جنوب العاصمة برازافيل ،وهي منطقة إضطرابات حيث تعيش بها المعارضة الإثيوبية المسلحة ، وبدار السكن المستأجره حديقة جميلة مملؤه بأندر وأغرب أنواع  الورود التي لا رائحة لها .

وبمجرد الوصول قام العاملون بدار السكن بتوجيه التحية للسفير ولي وقام الملحق الإداري باستعراضهم معنا ، فهذا هو السفرجي العجوز جوندا الذي يُصر على نداءه  “خالد ” وهو مدرب على مهنته في إحدى المدارس الفندقية الإيطالية وكان يعشق رقصة السامبا الشهيرة ألتي  يؤديها بإتقان أثناء تقديمه المشروبات لضيوف سفير مصر ، وذلك هو الطباخ ألفونس الذي عمل حارسا في السابق وحاول امتهان مهنة  الشيف وتلك هي الخادمة شقيقة الطباخ أما السائق الطيب أندريه فهو أحد علامات السفارة المصرية حيث عمل لسنوات طويلة بها ، وكان محبا لعمله حريصا عليه ، ووجدته مصري الهوى إذ يعشق الأكلات المصرية الصميمة ويشتهيها .

شربت مياه “الأمبو” الحبشية الفوارة وأصر زوجي أن أتذوق البُنه

أصر السفير على ذهابه من لحظة وصوله الى مقر السفارة لمباشرة عمله ، فانتهزت الفرصة لإفراغ حقائبي التي حملتها الخادمة واصطحبتني الى غرفة النوم ،حيث خزانة الملابس وقامت بإفراغ وترتيب محتويات الحقائب، واسترعى انتباهي صوت خطوات هرولة أعلى السقف الخشبي لدار السكن وكأنها أصوات لأطفال يركضون ، وحينما رأت مستخدمة المنزل نظرات الدهشة والتساؤل في عيني سارعت بإحضار جهاز الكاسيت وقامت بتشغيل شريط القرآن الكريم الموجود بالدار في محاولة لإيهامي أن تلك الأصوات من عمل الجان ، تاركة لدي علامات استفهام سرعان ما أجابت عنها الأيام التالية حيث رأيت عقب يومين من وصولي الجنايني سليمان يُحضر من بين ثنايا جملون دار السكن ذو السقف القرميدي حيوان الوطواط الذي قاموا بتربيته لأكله في المناسبات ،وحيث يعُد من أشهى المأكولات لديهم ، ومع انزعاجي وجزعي من المشهد تعهد العاملون بكل تأدب بعدم تكرار المسألة، وهو ما تقبلته ضاحكة لغرابة الموقف وطرافته وانتهت بذلك قصة الأصوات ولكن ظهر بغرف المنزل ضيف ثقيل وهو سحلية كبيرة الحجم ذات ألوان في غاية الروعة والتنوع ، كان العاملون بدار السكن يداعبونها كما لو كانت قط مستأنس،بل على العكس فأبناء القارة السوداء يخشَون القطط ويرونها شرا غير مُرحب بها ،  في حين يصير الأمر مختلفا عندهم في التعامل مع السحالي  وأوضح لي الطباخ أن ذات الألوان الزاهية ذكرا وليست انثى أما الأخيرة فتكون سوداء اللون، وأكد لي أن الذكر وزوجته يعيشان بدار السكن المقابل للغابة ،وأن التعايش مع تلك الكائنات لهو المتعة بعينها ، وهو ما رفضه السفير الذي أصر على إخراجهما لخطورتهما على النظافة والصحة العامة وما يسببانه لي من فزع بمجرد الظهور .

مرت خمسة أيام على وصو لنا للعاصمة الكونغولية وطلب مني السفير إعداد ولائم المولد النبوي للجالية المصرية التي تم دعوتها لمشاركتنا الإحتفالية الدينية الكريمة ،ومعهم أعضاء السفارة ولعدم خبرة الطباخ أو إلمامه بطبيعة المائدة المصرية في مثل هذه الإحتفالات ، فلقد اضطررت الى القيام بأعمال الطبخ في تلك المناسبة اعتمادا على خبرتي كسيدة مصرية وكزوجة سفير عليها واجبات ، وانتهت احتفالات المولد النبوي الشريف بكلمات الشكر والامتنان من أبناء الجالية المصرية ، ولكن …أتى الليل ومعه آلام لا تطاق بعظامي ونقر بالجمجمه وعظام الفك مع ارتفاع في درجة حرارتي ولم أستفق إلا على نفسي وقد تم تعليق محاليل الدواء لي  فعلمت أن الملاريا اللعينة قد أصابتني

…..يتبع

Leave A Reply

Your email address will not be published.

Verified by MonsterInsights