السفير د.محمد نعمان جلال يكتب ل مصر المحروسة . نت : عبد العال الباقوري الصحفي المتميز والصديق المخلص وصاحب القيم والمبادئ

0
تزاملت مع عبد العال الباقوري في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية حيث التحقنا بالكلية عام 1961 ثم تخرجنا عام 1965 نحن ننتمي لمحافظة اسيوط وفي الشهادة الثانوية كان هو الاول علي المحافظة وكنت انا الثاني علي المحافظة ولم يكن أي منايعرف الاخرفي اسيوط وانما تزاملنا في الكلية وتعرفنا ببعضنا ودامت الزمالة حتي شاء الله انيختار عبد العال إلي ملكوته رحمه الله. وكان عبد العال كصحفي رجل مبادئ وكنا نختلف كثيرا في مناقشاتنا ولكن كان اختلافنا فكريا وسياسيا فكان ناصريا يساريا وكنت انسانا محافظا لم تستويني اية افكار سياسية سوي من اجل القراءة والتعلم فقط فقد حصلت علي الدكتوراه في الثورة الثقافية الصينية وقرأت كل الفكر الصيني واليساري ولم اعتنق اي من تلك الافكار او غيرها وانما كمثقف محايد تماما وربطت المودة بيننا واستمرت حتي اللحظات الاخيرة من الحياة الدنيوية لعبد العال الباقوري رحمه الله وكان ما يثير إعجابي بعبد العال كزميل هو التمسك بمبادئه والثقافة العريضة  وكنا نختلف في جذور الثقافة  فانا كنت اكره كافة الاحزاب السياسية ولدي نزعة زهد صوفية  اتصالا بجدي لامي الذي كان شيخ طريقة في محافظة اسيوط وتعلمت منه الثقافة الدينية والابتعاد عن السياسة الحزبية لتنافيها مع الزهد الصوفي . ولكن كنا صعايدة والصعايدة دائما يقتربون من بعضهم بعضا خاصة اذا كانت لدي كلمنا القيم  المشتركة وحب الوطن بلا قيود.كان جده عمدة نزلة باقور  يبدوأته تمت تسميته علي جده فهو عبد العال محمد عبد العال.اما أنا  فكان جدي لابي  من اغنياء القرية ولا يهتم بالسياسة وجدي لامي رجل تصوف ولا يهتم بالسياسة وتعلمت منهما العمل والاجتهاد بعيدا عن السياسة الحزبيةأو الايديولوجية. ولميكن منهج أي من جدودي أن يسمي أحفاده باسمه و كان  كل منهما مؤمنا بالتعليم والحزم مع أولاده وأحفاده وكان الحزم في حالتي أكثر شدة  وصرامة بعد أن اخفق بعض ابناء جدودي  ومن هنا أصرا علي تقوية روح الاجتهاد فينا وربما كان جد عبد العال كذلك فلم نكن نعرف بعضنا قبل الانضمام للكلية بل كان كل منا ينتمي لمركز فانأ من مركز ابنوب وهو من مركزأبو تيج . وعندما تخرجنا من الكلية كان ثمة مفارقة فكان هناك في دفعة 1965 أربع شخصيات فقط حصلوا علي تقدير جيد جدا الاولي والثانية بنات والثالث والرابع اولاد كنت الثالث وعبد العال الرابع. وشاء الله أن ينضم عبد العال للصحافة والاعلام في الاتحاد الاشتراكي ثم جريدة الجمهورية وجريدة الاهالي ونحو ذلك أما أنا فقد التحقت بوزارة الخارجية وكانت علاقتي بالصحافة هي الكتابة فقط بمقالات تعلمت فيها من أستاذي الدكتور بطرس غالي وأهم ما تعلمته المرونة والعقلانية ثم زاد هذا التعلمإستاذي الدكتور عصمت عبد المجيد وزير الخارجية وكنت أعمل بمكتبه وشجعني علي نشر المقالات المتوازنة والعقلانية والكتابة الهادئة وإستاذي السفير في النرويج  جمال نجيب وعلي الرغم من ذلك كنت انتقد إستاذهما محمود فوزي لحرصه الشديد ومواقفه الاكثر غموضا أو مرونة .ولكنهما بحكمتهما لم يغضبا منيكتلميذ مجتهد بل شجعاني علي  الاستمرار في الكتابة الصحفية. ولكن عبد العال رجل المبادئ والاخلاص استمر في الصحافة بكل متطلباتها من مواقف وأراء وأفكار وسلوكيات . وانا استمريت بالخارجية بمواقف وأراء وأفكار عكس عبد العال فأساس النشأة كان مختلفا والصداقة جمعت بيننا كصعايدة ومن نفس المحافظة والتفوق في الدراسة والتمسك بقيم صعيدية من حيث المودة في القربي وإحترام  الاخرين مهما كان الاختلاف في الرأي والمودة في الاهل وذوي العلم حتي وإن كان الاختلاف بيننا مستمرا من الناحية النظرية. وكما يقول المثل اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية .كان عبد العال نموذجا للوطني المتمسك بقيم الوطنية الناصرية والعروبة وكنت كذلك ، وكان نموذجا للاشتراكي المتمسك بقيم الاشتراكية وكنت عكس ذلك تماما . ولكن الاختلاف في الرأي لم يؤثر علي علاقاتنا. وظلت المودة قائمة حتي بعد أن تزوج كل منا وأنجب ذرية. كان عبد العال صحفيا مخلصا ومحبا لمهنة الصحافة وكنت دبلوماسيا مخلصا لمهنة الدبلوماسية.وزميلنا الصحفي القدير والمتميز محمد أبو الحديد كان أكثرنا انغماسا في الصحافة منذ كتابته في صحافة الكلية وكان نموذجا للمثقف صاحب الرأي الهادئ والحكمة البليغة أطال الله عمره.تلك كلمات موجزة في ذكري صديق صعيدي تزاملنا في الجامعة وتصادقنا فيما بعدها ولم نفترق سوي نتيجة متطلبات المهنة ومقتضيات العمل فعاش هو غريبا بضع سنوات في الامارات يعمل صحفيا في جريدة الاتحاد الاماراتية وأما أنا فعشت في أمواج الدبلوماسية  وتنقلاتها من أقصي الشمال الاوربي مثل النرويج لاقصي الشرق في الصين ومن أقصي بلاد الحر في الامارات والكويت والهند إلي أقصي البرد في النرويج وإلي حد ما في نيويورك وظل التواصل حينا وانقطع بسبب الغربة حينا اخر وظل عبد العال زميلا مخلصا وصديقا وفيا. رحم الله عبد العال الباقوري الذي حمل اسم قريته وفيا لها  و لوطنه مصر الحبيبة ولعروبته حتي وإن  لم توفه بما يستحق من علم وإخلاص وتفان في حب الوطن. واتمني لاصدقائه  وزملائه من الاعلام وخاصة  في جريدة الجمهورية التي أفني فيها معظم سنوات عمره أن يكرموه ويودون أسرته بموذة الزمالة الصحفية والاعلامية ودعواتي بأن تقتدي به ذريته من حب الوطن وحب الاعلام وحب الصعيد وحب العمل مثلما كان عبد العال مهما تكن الظروف الصحية التي عاني منها في أخريات حياته حتي تغمده الله برحمته 10 أغسطس 2014
Leave A Reply

Your email address will not be published.

Verified by MonsterInsights