عبد العال الباقوري يكتب :حوار حول الأمن القومي

0
هل يمكن في ظل الظروف الراهنة بكل مفرداتها أن نمد أبصارنا أبعد مما تحت أقدامنا ونتطلع إلي ما هو آت أو تحديداً إلي ما يمكن أن يحدث عربياً وإقليمياً ودولياً سواء في المدي القصير أو المدي البعيد.. فمن الواضح ان تداعيات ونتائج العدوان الثلاثي الجديد: الأمريكي والبريطاني والفرنسي وما ارتبط به من كافة الجوانب يفرض علي العرب جميعاً العمل من أجل تجاوز الوضع الراهن وبناء مستقبل “مختلف”. ولعل كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسي في القمة التاسعة والعشرين في مدينة الظهران تتضمن مفتاحاً لذلك للتغلب علي التحديات التي تواجهنا. وذلك من خلال استراتيجية شاملة للأمن القومي حدد معالمها وأوضح أخطارها في أزمة وصفها بأنها “الأخطر منذ حقبة التحرر الوطني”.. وأشار الرئيس تحديداً إلي العمل لإعادة الحياة إلي عملنا العربي المشترك وهو عمل كان عشية القمة وأثناءها في اسوأ حالاته لدرجة أن العدوان الثلاثي الجديد وقع عشية افتتاح “قمة الظهران 1” وأصبح يحتاج عملية انقاذ لن تتم بين عشية وضحاها. وفي هذا الإطار جاءت كلمات أخري في القمة من بينها كلمة أحمد أبوالغيط الأمين العام للجامعة العربية حيث تحدث عن “التهديدات الكبري التي تواجهنا” وأرجعها إلي غياب التوافق علي مفهوم محدد للأمن القومي العربي. وأضاف ان التحديات الحالية تفرض علينا جميعا “التفكير في إجراء حوار جاد ومعمق حول الأولويات الكبري للأمن القومي العربي. وبحيث يجري تدشين توافق أكبر حولها وتناغم أوسع في شأن كيفية ضبط ايقاع تحركنا الجماعي والمشترك إزاء كافة التهديدات” وليس من المبالغة القول إن الحوار الجاد والمعمق المطلوب لا يجب أن يكون حواراً رسمياً وحكومياً فقط. بل يجب أن يكون شاملاً وبحيث يقود في النهاية إلي قمة عربية خاصة تعتمد نتائج الحوار وتلتزم.. أليس هذا ما حدث في العالم العربي بعد هزيمة أو نكبة 1948 وأدي إلي توقيع معاهدة الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي في أبريل 1950.. أو ما حدث فيما بين هزيمة يونيو وقمة الخرطوم في أغسطس 1967 التي أصدرت قرار اللاءات الثلاث التي استمرت حوالي عشر سنوات. الحوار في هاتين الحالتين لم يكن حواراً في حجرات مغلقة. بل كان حواراً مفتوحاً شارك فيه رجال الأمن القومي وعلماء السياسة والإعلاميون والصحفيون إلي جانب أصحاب المناصب الرسمية والبرلمانيون ولم تكن منظمات المجتمع المدني بعيدة عن ذلك. فقد لعبت المنظمات الشبابية والطلابية دوراً مؤثراً في مجريات هذا الحوار. أليس هذا ما يتطلبه الوضع العربي الراهن من أجل التوافق من جديد علي مفهوم موحد للأمن القومي العربي؟ وهو المفهوم الذي غاب في مواجهة العدوان الثلاثي الذي وقع في تحد سافر عشية بدء القمة حيث كان هناك من أيد العدوان. ومن تحفظ عليه ومن أدانه.. وفي ظل هذا الانقسام أصبحنا نتساءل: ماذا فعلت روسيا في مواجهة العدوان؟ وأين دور إيران وضجيجها وأين تقف الصين؟.. ولماذا اتخذت فرنسا وبريطانيا المشاركة في العدوان بينما امتنعت ألمانيا وإيطاليا.. وغاب السؤال المنطقي وهو أين الموقف العربي الموحد.. لقد غاب ذلك منذ سنوات. وتحديداً منذ العدوان الأمريكي- البريطاني علي العراق واحتلاله في 2003 بل وقبله فيما يمكن أن يعود إلي سبعينيات القرن الماضي.. ومنذ ذلك الوقت تعددت الدعوات وكثرت التعديلات في مواثيق العمل المشترك. بما فيها ميثاق الجامعة العربية ولكن هذا كله لم يكن له مردود محدد في الواقع العملي.. وأسباب ذلك متعددة وتحتاج إلي خواطر أخري. ومن الواضح أن الركيزة الأساسية التي افتقدها المفهوم الموحد للأمن القومي العربي هي التي وردت نصاً في المادة الثانية من اتفاقية الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي وجوهرها: “تعتبر الدول المتعاقدة. كل اعتداء مسحل يقع علي أية دولة أو أكثر منها. أو علي قواتها. اعتداء عليها جميعا. ولذلك فانها- عملاً بحق الدفاع الشرعي- الفردي والجماعي- عن كيانها. تبادر إلي معونة الدولة أو الدول المعتدي. وبأن تتخذ علي الفور. منفردة ومجتمعة. جميع التدابير. وتستخدم جميع ما لديها من وسائل بما في ذلك استخدام القوة المسلحة لرد الاعتداء ولإعادة الأمن والسلام إلي نصابهما…”.. أين نحن اليوم من هذه المبادئ في العلاقات العربية- العربية حيث تشهد. كما قال الرئيس السيسي في قمة الظهران. دولاً عربية تواجه لأول مرة في تاريخها تهديداً وجودياً حقيقياً ومحاولات ممنهجة لاسقاط مؤسساتها الوطنية لمصلحة كيانات طائفية وتنظيمات إرهابية وهذا أمر يلح وبشدة في طلب حوار قومي قد يمتد شهوراً أو عاماً. وتكون ثمرته هي مفهوم موحد للأمن القومي العربي يتم العمل والالتزام به من جميع أعضاء النظام العربي.. واسلمي يا مصر. aalbakoury@gmal.com
Leave A Reply

Your email address will not be published.

Verified by MonsterInsights