لماذا انتحر الكاتب التونسى نضال الغريبى ؟ … الأجابة فى مصر المحروسة . نت

حالة التهميش والإقصاء والوضعية الاجتماعية السيئة التي مرّ بها، وهو العاطل عن العمل لسنوات منذ تخرجه... هى السبب

0
صدمة كبيرة في تونس وخصوصًا في الوسط الثقافي والإعلامي أثارتها  حادثة انتحار الكاتب التونسي الشاب، نضال الغريبي، البالغ من العمر 32 عامًا، من ولاية القيروان،
وكان الكاتب والمدون التونسي نضال الغريبي، قد انتحر شنقا، مساء الثلاثاء الماضي، في منزل عائلته وسط حالة من الذهول التي انتابت أسرته وأصدقاءه ومحبيه.
وقد أرجعت عائلة الكاتب الراحل في تصريح نشره موقع ” إرام السعودي” ، أسباب إقدام الغريبي على الانتحار، إلى  
وترك نضال غريبي، الحاصل على شهادة جامعية والعاطل عن العمل، على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” رسالة وداع مؤثّرة، فيما يلي نصّها :
أنا الآن لا شيء، تفصلني خطوة عن اللاشيء، أو فلنقل قفزة، غريب أمر الموت ما أبخس ثمنه، دينار ونصف الدينار ثمن الحبل، وبعض السجائر، غريب أمر الحقيقة ما أبخسها ثمنها لكننا لا نرى، نملأ أبصارنا وبصائرنا دومًا بالأوهام، حتى تصير الحقيقة تفاصيل لا نراها”.
وأضاف الغريبي “نحن لا نرى غير ما نريد رؤيته، لا نرى من الأخضر غير يابسه حتّى تختلط علينا الألوان، ومفاهيمها، شأننا شأن أحبّتي، الذين رغم تواضعي يظنّون أنّني عيسى، فإذا ما صدّقوا ما ادّعوا، اختلط عليهم الأمر، فراحوا لا يفرقون بين القلب والمعصم، وصارت أوتادهم تنهمل على صدري كسهام الوغي”.
وأردف بالقول :ط غريب أمرهم، بل غريب أمركم جميعًا إذ تظنُّون بموتي أنّني أناني، لكنني في الحقيقة أبعد ما يمكن عن الأنانية، دققوا في التفاصيل، لو كنت كما تدّعون لكنت التهمت ما استطعت من أدوية أمي المريضة ورحلت، لكنني أعلم على يقين أنّ عائلتي المسكينة ستنصرف إلى مراسم دفني وقبول التعازي، وسينسون بالتأكيد أن يشتروا لها دواء بدل الذي دفن في معدتي، لكنني لم أفعل، لو كنت بالأنانية التي تدّعون، لكنت رميت بنفسي أمام سيارة على عجل، أو من فوق بناية عالية، لكن، حرصًا مني أن لا تتلف أعضائي، التي أوصي بالتبرع بما صلح منها، لم أفعل!.”
وختم الراحل بمطالب لمحبيه:” سادتي، أحبّتي، عائلتي المضيّقة والموسّعة، أوصيكم بأنفسكم خيرًا، وبأولادكم حبّا .. أحبّوهم لأنفسهم، لا تحبّوهم لتواصل أنفسكم فيهم، اختاروا لهم من الأسماء أعظمها وأرقاها، وكونوا شديدي الحرص في ذلك ..فالمرء سادتي رهين لاسمه، شأني، أمضيت عقودي الثلاثة بين نضال وضلالة وغربة ..علّموا أطفالكم أنّ الحبّ ليس بحرام، وأنّ الفنّ ليس بميوعة، لا تستثمروا من أجلهم، بل استثمروا فيهم، علموهم حب الموسيقى والكتب..السّاعة الآن الرابعة بعد الظهر، من السابع والعشرين من مارس ثمانية عشر وألفين، أفارقكم عن سن تناهز أسبوعين وأربع أشهر واثنين وثلاثين سنة ..أحبكم جميعًا دون استثناء، وأخص بالذكر هيرا، تلك العشرينية إيناس، تلك البريئة التي شيطنتها الحياة وحبي”.
وتشهد تونس أوضاعًا معيشية واقتصادية صعبة جعلت الكثير من الشباب الحاصلين على شهادات عليا يعيشون بطالة أو يعملون في أعمال يدوية لا تناسب تخصصاتهم.
لكن من هى نضال الغريبى … الأجابه من خلال ماكتبه على صفحته فى الفيسبوك فى الايام والاسابيع الاخيرة  وهذا بعض منها :
 أسائل نفسي .. من أنا؟؟
ثمَّ أهرب من المواجهة لأنني أعرف أني سأندم اذا ما أجبت ..
أراوغني لأستنكر، من ذا الذي يسأل ؟؟
فأغضب لنفسي وتغضب مني لترحل عني ..
لم اعد كما كنت ..
هذا الصباح لم اجدني ..
واختفت رائحتي مع أول سيجارة صباحية بلا طعم ..
فتحت روايتي المفضلة فوجدتها فارغةً من العناوين ..
خفت ..
نزلت مسرعا الى الشارع وسألت عنّي ..
قالوا :
مرت من هنا عاريةً وجميلةً .. ككل مرة تهرب منك ..
حينها توقفت ..
++++++++++++
تبحث المرأة في المقام الأوّل عن رجل يبادلها الحب والاحترام، فإذا خابت تبحث عن رجل تحبّه، فرجل يحبّها إذا لم تجد، وإذا خابت تبحث عن رجل يبادلها الاحترام، ثمّ بعد فشلها في إيجاد ماسبق، تجد نفسها أمام خيارين: إمّا أن تبحث عن رجل يتقن فنون الجنس على الأقل، أو، إن كانت قويّة بما يكفي، تعزف عن الرجال ..
أمّا الرجل، فيبحث في المقام الأوّل عن أنثى ترضي ثلاثًا: العائلة، المجتمع، وعضوه الذكري، فإذا لم يجد، يتّخذ لنفسه ثلاث إناث ترضي كل واحدة منهنّ طرفًا ..
++++++++++
أخبروا من سيكتب الشعر بعدي ..
أنني ..
جعلت لهم من نهدي هيرا بحرا تتحابب فيه الأضداد ..
و أنّ لي ..
من ثغرها الغجريّ خمر، ما استسغت مثله في عصارة الأعناب ..
فأنَّى لي ..
بربّكم أن تهدأ القوافي في ضجر وريقاتي و تروم السكون ؟؟
و كيف لي ..
أن تستكين قمّة السطر عندي، بينما على مرأى من ناظري الثمل تتمايل ذات خلخال ؟؟
تراقصني، باهتزاز خصر شرقي على نغم صاخب ..
وتعقد في سخرية قران الحرام والحلال ..
++++++++++++++++++++++
ويبقى السؤال الذي يراودني كل ليلة، يغازل إجابة تتوارى خلف النّعاس، هل عشتُ اليوم كما ينبغي كي أستحق اشراقة الغد؟؟
++++++++++++++++
لا أشعر بشيء، وهذا اللّاشيء يقتلني، أتمنّى فعلا أن أجد إجابة تشفي غليلي لسؤال كيف حالك، فلا إجابة بخير تصفني، ولا عكسها يفعل ..
أشعر كأنني أمتلء بكل شيء حدّ الإنفجار، وكأنّني فارغ حدّ الخواء، لدرجة أن أحسّ بفراغ فيزيائي كما الفجوة في صدري، أشعر بالرغبة في كل شيء، وبالتعفّف عن الأشياء جميعها، فكأنني أريد الشيء ولا أريده ..
أشعر بالجبروت والإنكسار، أشعر بالنرجسيّة حدّ المرض وبالتّواضع حدّ الوضاعة، أشعر كأنّني لست أهلا لهذا الوجه البائس، أشعر وكأنّ هذا الوجه لا ينتمي لي، أشعر بالعظمة حدّ التغطرس وبالضّعف حدّ البكاء، أشعر بالتحّرر حدّ الطّواف وبالإنتماء حدّ الإختناق ..
لا أشعر بشيء ..
أشعر بكلّ الأشياء، إلّا أنا، لا أشعر بي ..
لم تعد بي رغبة بالبكاء ولا بالضحك ..
لم تعد بي رغبة بالحياة ولا توق للموت ..
كيف حالي؟؟
++++
حين يجنُّ الليل ..
تصبح جميع ضروب الجنون في حضنك مباحة ..
وأصبح في حضرتك ألف رجل ..
رجلٌ شقيٌّ يرغب فيك بشدَّة ..
رجلٌ حالمٌ يداعب أسفل ظهرك ويغفو ..
رجلٌ مجنونٌ يظفر لك خصلات شعرك ويمسح أنفه بأطرف كم القميص ..
رجلٌ عاشقٌ يرقبك من بعيد في لهفة ..
وكلُّ الرجال تريدك بجنون ..
+++++++++++++++
لا ترسمي لي النهد مدرارًا ..
على بعض حواف اللَّيل ..
ولا تطيلي حفر تلك النقوش ..
على جدران محراب أسميتِه قلبي ..
فأَسْكَنْتُكِيه ..
أعيدي ترتيب النجوم ..
كي يعود للظلمة بريقها ..
لا تقلمي للعصافير أظفارها ..
اجمعي الحبر الذي أريق على خاصرتك ..
وسَلِيهِ ..
لِمَ لَمْ نلتقِ بالسماء ..
حين عددنا القُبَلْ ..
+++++++++++++
وصية
قالت الخيبة ذات موتٍ ..
أوصيك بالموت خيْرَا، مادُمتَ حيَّا ..
أوصيك بفرحك، بحرفك ..
اعصر من مدامعه لونًا للحجارة ..
مُرِ الزمان أن لا يلتفَّ، علينا ..
مُرِ المكان أن لا يلفَّ، إلينا ..
اسكب من كأسك يئسك صباحًا ..
ولا تخف ..
في المسا، جد أناك ..
في المسا، جد مناك ..
فما في المساجد، مناك ..
* * *
قال الموت ذات خيبة ..
أوصيك بالخيبة حبَّا، ما دُمت طيرَا ..
وقال ..
وحدك، تهيِّئ للرحيل حقائبك، وتنشد ..
لا للرحيل ..
وحدك، دونَهم، للوجع عليك وقع جميل ..
أَ نسيتَ بُندَ الرِّيح، حينَ تجري، دون هواك ؟؟
أَ يا سندباد الرَّاح، كيف تهذي، دون سواك ؟؟
ثمَّ أنْشَدَ:
واكب كل المــــــــــآتم ** أيا غريبًا بياء الملكية ينتسبُ
وعاين في كل المراسم ** ثكلــــــى من حرقتها تنتحبُ
ضع وجَعَكَ إكليلًا على كل فستان ..
أحبَّهُ وتعجَّب فيه، كالبكر بين أزهار الرَّمان ..
راقب هذيانه باسمك كلَّ مساء ..
اغتسل في مدامعه كلَّ عشيَّة ..
ثمَّ امتطِ أهدابهُ، وسابِقْ سكراتي إليَّ ..
+++++++++++++++++
تعالي نعانق ألفةً، بلا ألفة ..
ونحتسي ..
كأس البعد ..
ونعدُّ على الأصابع العطشى ..
ألف عطشِِ، ولهفة ..
**
ونعدُّ ..
كم مرة ارتشفنا الفرح ..
من بقايا قمرٍ مغمور ..
تعالي، وغنِّي لي ..
كيف قال الناس ..
أنّني سوف أنساكِ ..
وأنسى ..
كيف صرتِ عنواني ..
حبيبتي ..
كيف أنسى ؟؟
**
كيف أنسى خيباتي ؟؟
وضياع سفني في رمشك ..
تاريخي وانكساراتي ..
وكيف تعثَّرتُ ..
ومللتُ صخب الأوطان ..
وصرت أشتهيكِ ..
منفى ..
**
أنا يا حبيبتي رجل بلا خططٍ ..
وكل طرقي ..
نهاياتها واحدة ..
أنت لها ..
وأنا للانتظار ..
على ساحل المودعين ..
أنتظر سفنًا ..
بلا وِجْهَة ..
Leave A Reply

Your email address will not be published.

Verified by MonsterInsights