تسفي برئيل  فى "هآرتس" :  كيف يمكن لمتهم كرئيس الحكومة أخذ قرارات مصيرية لإسرائيل؟

0
من المشكوك أن يكون ما زال ثمة أشخاص مستعدون لمنح نتنياهو حتى افتراض البراءة، بالتأكيد ليس البراءة الجماهيرية. لم يعد السؤال (هل)، بل (على كم حصل). والتوقع المتوتر، الإعلان عن موعد تقديمه للمحاكمة في الوقت الذي تم فيه حسم حكم الجمهور. حوّل نتنياهو نفسه إلى السياسي الأقل إخلاصا، لمن أمكنه أن يتوقع مسبقا صياغته الكاذبة، بأن إجاباته لوسائل الإعلام ـ أي للجمهور ـ يتناثر منها الوحل والقذارة، وأن الرأي العام حسب رأيه هو مجرد حكم مجموعة من العلمانيين أو الأغبياء، لا تستحق التعامل الجدي معها، رعاع لا يشكر شخص مثله مستعد لمواصلة قيادته. حقيبة الأكاذيب فاضت إلى درجة أنه من المشكوك إيجاد شخص يكون مستعدا لشراء شيء جديد من نتنياهو. الآن وفي الوقت نفسه، فإن الجمهور نفسه الذي ينادي بصلبه على عمود التشهير في ميدان المدينة، مستعد للتبني بدون تردد التهديد الأمني الذي ينشره نتنياهو في كل مكان. يقوم بقصف القطاع، ويهاجم في سوريا، ويهدد إيران بحرب مباشرة. كيف من الممكن أن يحدث أننا مستعدون لرشقه بالحجارة على أكاذيبه في قضايا الرشوة المتشعبة، وفي الوقت نفسه التصديق بأننا واقعون تحت ضغط تهديد وجودي إلى درجة أنه يجبرنا حتى على شن حرب؟ من أين هذه الفجوة بين انعدام الثقة الساحق في كل ما يتوقع بسلوكه الشخصي، وبين الخضوع الأعمى المستعدون لإظهاره عندما يتعلق الأمر بالأمن؟. يمكن لعلماء نفس اجتماعيين وعلماء اجتماع تفسير هذه الفجوة كما ينبغي. لكن الموضوع ليس التفسيرات، بل بالتحديد الخطر الكامن في أنه يقف على رأس الدولة زعيم مشكوك فيه، وينتظر ما سيقوله المستشار القانوني للحكومة، وقدرته على الحكم يمليها عليه محاميه ومستشاريه للعلاقات العامة، والتهديد الوجودي في نظره هو الذي يصف رحلته إلى السجن. تعلم الإسرائيليون أن يقبلوا من دون شك وجود تهديد على أمنهم وربما على وجودهم. إن لم تكن عشرات آلاف الصواريخ التي بحوزة حزب الله، فهي الصواريخ التي يتم إطلاقها من قطاع غزة. وإن لم تكن هذه، فهناك دائما إيران التي طورت صواريخ بالستية ومشروعا نوويا خاصا بها، وتتربص بنا خلف الزاوية. ليست المشكلة عدم الثقة بوجود تهديدات، بل رئيس الحكومة الذي يعتبر الآن كمن كل قراراته بشأن المواضيع الأساسية كالأمن والاقتصاد، يشوبها الشك بوجود دوافع غريبة ـ ليست غريبة عليه بالطبع، بل غريبة على قضية الأمن. الخطر هو أن من وضع نفسه كحارس على «الحياة نفسها»، سيُخضع هذا الاعتبار لوجوده السياسي. النتيجة، أن كل قصف في سوريا، وكل قصف في قطاع غزة، وبالأحرى قرار شن حرب ضد لإيران في سوريا، سيشك فيها على الفور حتى لو كانت محقة، بأنها مشوبة بتوصيات محاميه، ويتوقع أن تخضع لامتحان سياسي قبل أن تحظى بتبرير موضوعي. لا يحتمل التفكير بأن رئيس حكومة كهذا، بطة عرجاء في نظر الجمهور والعالم، سيتحمل مسؤولية قرارات مصيرية قد تقود إسرائيل إلى حرب أو مواجهة مع دول المنطقة ومع الدول العظمى. إذا كان هناك تهديد وجودي على إسرائيل، فإن قرارات مواجهته يجب أن تتخذ من قبل رئيس حكومة يحظى بتأييد غير محدود، وغير متهم بتضارب المصالح، رئيس حكومة لا تضطر العائلات الثكلى أن تسأل نفسها هل أن أعزائها قتلوا بسبب تهديد حقيقي أو بسبب ملف 1000 و2000 و4000. من يوافق على مواصلة نتنياهو لإدارة الحرب ضد هذه التهديدات، سيسحب منه الحق في المطالبة بإقامة لجنة تحقيق تفحص مجريات اتخاذ القرارات التي أدت إليها. +++ هآرتس 21/2/2018
Leave A Reply

Your email address will not be published.

Verified by MonsterInsights